بعد عمليّة نفق الحرّيّة زادت قوّات الاحتلال من حملتها الشرسةً على الأسرى في المعتقلات. وقبل أيّام، اقتحمت قوّات العدوّ زنزانة الأسير الروائيّ باسم خندقجي، في سجن “متسبيه ريمون نفحة” في صحراء النقب في الجنوب الفلسطيني المُحتلّ، واعتدت عليه، وصادرت مُقتنياتَه الأدبيّة، ولا سيّما مسوّدة الرواية الأخيرة شياطين مريم المجدليّة، وبعض المقالات التي كتبها عن الكولونياليّة.
إن أسرانا في سجون الاحتلال هم رجالُ الشمس، يخوضون معاركَ التحرير والتحرّر العربيَّة والفلسطينيَّة بأمعائهم الخاوية. وبملاعقهم يقتلعون الظلام، ويحفرون دروب الحرية. وبأقلامهم يسطِّرون دروس الوعي، للاستمرار في المقاومة والصمود والتصدّي لكلّ أشكال الاستعمار والاحتلال.
يجسّد باسم نموذج الأسير المثقّف الذي اشترط في مؤلّفاته ربطَ العِلم بالكرامة ومقارعة الفساد، المدرك أنَّ النور لا يُحبس في الولاء، الرافض التذلُّلَ ولعب دور الببغاء. وهو يضع شروط النصر في ظلِّ الدمار وسفكِ الدماء، معبّرًا عن الهَّم الفلسطيني وهَّم الأسرى في المعتقلات، ومحرّضًا على قرع الجدران (كما فعل قبله الشهيد غسّان كنفاني)، ومساندًا المرأة الفلسطينيّة.
اعتُقِل باسم في 2 تشرين الأول/ نوفمبر 2004، عندما كان في سنته الجامعيّة الأخيرة، بعد عمليّة سوق الكرمل البطوليّة، والتي أدّت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين، وجرح أكثر من خمسين، على الرغم من أنَّه لم يقم بأيّ نشاط عسكريّ مرتبط بالعمليّة. ومع ذلك، طالبته محكمة العدوّ بتعويض عائلات قتلى العمليّة الفدائية بمبلغ 42 مليون شيكل، بعد أن حكمته بثلاثة مؤبّدات.
بدأ باسم معركته بالإضراب عن الطعام، احتجاجًا على إجراءات إدارة سجون الاحتلال التعسّفية بحقّه، وبحقّ باقي الأسرى، والتي اتّخذتها سلطات الاحتلال عقب عمليّة نفق الحريّة.
إنّ مجلّة الآداب ودار الآداب تجدّدان العهد على المُضيّ قدمًا بالمشروع التحرّري العربيّ، وعلى رأسه تحرير فلسطين الحبيبة. لذا، والتزامًا منهما بهذه القضيّة، تدين الآداب، مجلّة ودارًا، كلّ ما تقوم به سلطات الاحتلال بحقّ الأسرى الأبطال بشكل عامّ، وما تعرّض له باسم خندقجي بشكل خاص. وتناشدان بألّا يُختصر التضامن مع باسم وغيره من البواسل، على حملات الاستنكار والشجب، بل أن يتعدّى ذلك إلى حملات دعم وإسناد فعليّين، على أساس:
– خوض معارك معرفيّة تربويّة، عبر نشر الإصدارات الأدبيّة والثقافيّة للأسرى من مقالات وروايات وشعر ورسائل ودراسات وتسويقها.
– أن يهتمّ المثقّفون والإعلاميّون والمنشغلون بالشأن العام، بتغطية قضايا الأسرى.
– أن يناهض المثقّف العربي التطبيع مع العدوّ بكلّ أشكاله، وأن يعمل على التشبيك مع حركات المقاطعة.
مجلة الآداب ودار الآداب
بيروت في28- 2-2022