صامدون تُنظم ندوة جماهيريّة ضد سياسة الاغتيالات
المسار البديل: لن تتوقف الاغتيالات الصهيونيّة إلّا إذا أصبحتْ مُكلِّفةً للاحتلال وحُلفائه
فانكوفر– كندا
28 آب/ أغسطس 2022
شَهدت قاعة كنيسة “جراندفييو” بمدينة فانكوفر الكنديّة ندوةً جماهيريّة نظّمتها “شبكة صامدون”، تناولت تاريخ وسياسة الاغتيالات الصهيونية وعمليات التصفية الجسديّة التي يُمارسها الكيان الصهيونيّ وأجهزة استخباراته ضد قيادات وكوادر المقاومة الفلسطينية والعربية، كما جرى تسليط الضوء على ما تتعرض له العديد من قيادات الحركات الثورية في عدد من بلدان العالم
وتحدّث الرفيق “جافيد”، الناشط الطلابي اليساري من أصول إيرانية وعضو “شَبكة صامدون – فانكوفر”، فأشار في مداخلته إلى أنّ “أعداء الشعب الفلسطيني يتجسّدون في القوى الإمبريالية والحركة الصهيونية وكيانها الاستيطاني “إسرائيل” والرجعيّات العربية المتحالفة معها”. مُؤكّداً على أنّ “هذا المعسكر يوفّر الدعم والغطاء الشامل لسياسة الاغتيالات التي تمارسها الأجهزة الأمنية الصهيونية”
وأكّد “جافيد” أنّ “دورنا في كندا هو دعم نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته المسلّحة لمواجهة هذه السياسة الصهيونية وكشفها؛ حتى يتمكّن الشعب الفلسطيني من تحرير وطنه من النهر إلى البحر، وتحقيق أهدافه في العودة والتحرير”
وقال جافيد: “يجب إلحاق الهزيمة الساحقة بنظام الاستعمار الصهيوني على أساس فهم طبيعته كرأس حربة للمعسكر الإمبريالي في المنطقة بقيادة الولايات المتحدة والقوى المتحالفة معها، ويجب رفض كلّ محاولات تصفية الحقوق الفلسطينية وخاصة ما يسمّى حلّ الدولتين”.
وأشار إلى أنّ “انتصار الشعب الفلسطيني على سياسة الاغتيالات هو مقدمة للانتقال من مرحلة ردّ الفعل إلى مرحلة المبادرة في الصراع وأنّها مسألة وقت”، داعياً إلى “تحالف شعوب المنطقة والعالم في معسكر أمميّ واسع وشعبي يُناهض الكيان الصهيوني وسياسة الاغتيالات، ويفضح القوى المتورّطة، ويساند نضال الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين المحتلة”.
بدورها قالت الرفيقة “نالي أغبولص” من منظمة “غابريلا” النسائيّة الفلبينيّة أنّ “قيادة الحركة الثورية المناهضة للإمبريالية وسياسة النهب والنظام الفاشي في الفلبين تتعرّض منذ عقود إلى سياسة الاغتيالات التي طالت مئات المناضلات من الصحفيات والناشطات ومئات النقابيات والقيادات النسائية بدعمٍ مباشر من قِبل الولايات المتحدة والشركات والدول الناهبة”. مشيرةً إلى “العلاقات الوثيقة التي كانت تربط نظام ماركوس ونظام دوتيرتيه الحالي مع الحركة الصهيونية والحركات الفاشية والعنصرية في الغرب وما يتلقّاه النظام في الفلبين من دعم أمني ولوجستي من أمريكا وكندا وإسرائيل.
واعتبرت أنّ “النضال الفلسطيني كان ولا يزال مُلهماً للشعب في الفلبين، ولها شخصياً”. مشيرةً إلى أنّ “مشاركتها في حركة النضال الثوري جاءت بسبب ما عايشته في الفلبين، وبسبب دورها في حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني أثناء إقامتها في الولايات المتحدة وتعرّفها على تاريخ النضال الفلسطيني من خلال رفيقات فلسطينيات لها في إطار الحركة الطلابيّة”.
وقدّمت “حركة المسار الثوري البديل” الكلمة الرئيسية في الندوة، والتي نقل موقفها الكاتب الفلسطيني “خالد بركات” شارحاً حقيقة الأهداف السياسية والأمنية المباشرة، والأهداف الاستراتيجية التي يسعى العدو الصهيوني إلى تحقيقها من خلال هذا الأسلوب الدموي (الاغتيالات) باعتباره ركناً أساسياً في عقديته الأمنية والأيديولوجية.
وأكّد “بركات” على أنّ سياسة الاغتيالات تعكس الطبيعية الدموية للكيان الصهيوني، وهي سياسة جرت ممارستها من قِبل معظم رؤوساء وزراء الكيان الصهيوني ومشاركتهم الشخصية فيها، حيث لم يُقلع الصهاينة عن هذه السياسة منذ تأسيس الميليشيات والعصابات الإجرامية في عشرينات القرن الماضي، برعاية بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا. واستمرّت “إسرائيل” في انتهاج هذه السياسة على نطاق أوسع بعد تأسيس “الموساد” باعتباره الذراع الطويلة للكيان الصهيوني بعد عام 1948
وقال بركات: هذه السياسة الصهيونية طالت عشرات المثقفين والعلماء والقادة العسكريين والسياسيين من الفلسطينين والعرب، وصولاً إلى اغتيال المقاتل البطل من سرايا القدس إبراهيم النابلسي في الضفة المحتلة، واستهداف القائدين: تيسير الجعبري وخالد منصور، وعددٍ من قادة “سرايا القدس” في قطاع غزّة، في وقتٍ نرى فيه صمتاً رسمياً كندياً وتواطؤاً من حلفاء الكيان الصهيوني في الغرب”
وبيّن الكاتب الفلسطيني حقيقة ما يتوخّاه الكيان الصهيوني وحلفاؤه من وراء استهداف القادة والعلماء والمثقفين العرب وما وصفه بـ “تصفية العقول والرؤوس الحامية في المقاومة”، وإزاحة القيادات الوازنة المجربة في مختلف ساحات العمل النضالي وفي المجالات الإعلامية والتنظيمية والثقافية والكادرات الاستثنائية في الأجهزة العسكرية والمتخصصة في حركة المقاومة. مقدّماً صوراً وأمثلة على ذلك من الأديب غسان كنفاني، إلى الثوري والسياسي المهدي بن بركة، وصولاً إلى استهداف العلماء في مصر وتونس والعراق وسوريا ولبنان.
واعتبر بركات “أنّ استخدام هذه السياسة تأتي في سياق محاولة العدو انتزاع تنازلات سياسية، وتعطيل عمل وبرامج قوى المقاومة، ووضع العراقيل أمام تطوّرها”. مؤكداً “أنّها سياسةٌ ثابتة تلقى الدعم المباشر من الولايات المتحدة وأجهزتها، بل وبتسهيلٍ وتعاون من قِبل العديد من الدول العربية التي تنسّق أمنياً مع العدو وتعتبر نفسها حليفةً له”.
وأشار إلى “أنّ منظّمة التحرير الفلسطينية تعرّضت منذ تأسيسها إلى عمليات اختراق صهيونية أمنية واسعة سهّلت استهداف القادة، حيث استطاعت الأجهزة المُعادية تحقيق نجاحاتٍ كبيرة على هذا الصعيد، غير أنّ المقاومة في فلسطين ولبنان استطاعت إيقاف مثل هذه العمليات الإسرائيلية لفترات محدودة حينما كانت تقوم بعمليات ردع مُعاكسة وتحوّلها إلى سياسة ذات كُلفة عالية يدفعها كيان الاحتلال؛ فسياسة الاغتيالات لن تتوقّف إلّا إذا أصبحت مكلّفةً للاحتلال وعملائه وحلفائه”.
وذكّر بالعملية البطولية التي نفّذتها مجموعة فدائية مسلحة تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حينما قامت باستهداف وزير السياحة الصهيوني اليميني “رحبعام زئيفي” صاحب نظرية “الترانسفير” التي جاءت ردّاً على اغتيال القائد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة، الذي اغتاله العدو الصهيوني في مثل هذه الأيام -27 آب/ أغسطس 2001-، وكذلك الرد الواسع والجريء للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بعد جريمة اغتيال القائد الفلسطيني أحمد الجعبري في العام 2012.
وردَّ بركات على أسئلة الجمهور حول موقف “حركة المسار الثوري البديل” من العديد من القضايا والتطورات السياسية في فلسطين والمنطقة.
وعُلّقَت على جدران الكنيسة في الداخل الأعلام الفلسطينية وشعارات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية والحركة الأسيرة ورايات صامدون، وملصقات حملت صور عشرات الشهداء الذين طالتهم يد الغدر الصهيونيّة، وتضمّنت نبذة قصيرة عن حياتهم وتاريخ ميلادهم واستشهادهم.
وفي نهاية الندوة قدَّمت شارلوت كييتس المنسقة الدولية لشبكة صامدون شكرها للضيوف والجمهور داعية إلى تنظيم أوسع حراك شعبي تضامني مع الأسير خليل العواودة الذي يخوض إضرايبا عن الطعام لليوم 179 والمشاركة في حملة عالمية من أجل شطب ما يسمى “قوائم الإرهاب” في الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية.