أسرى ما قبل أوسلو – جمعة آدم، رائد السعدي، إبراهيم ومحمد إغبارية

“عمداء الأسرى” هو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم في سجون العدو الصهيوني أكثر من 20 سنة متواصلة. مع مضي السنين، تحرر العديد من الأسرى الفلسطينيين عبر اتفاقياتٍ لتبادل الأسرى، مثل من أُفرج عنهم عام 1995 بعد اتفاقية أوسلو، أو صفقة تبادل الأسرى التي فرضها حزب الله في 2004 حيث تم تحرير 400 أسير فلسطيني، أو عملية وفاء الأحرار التي قامت بها حركة حماس عام 2011 حيث تم تحرير 1027 أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن الجندي شاليط، أو عام 2013 عندما أعلن الاحتلال عن الإفراج عن 104 أسير فلسطيني تزامناً مع عودة السلطة الفلسطينية للمفاوضات واستمرار التنسيق الأمني. ومع ذلك، فإن هناك العديد من الأسرى ذو العمليات النوعية، وبالأخص الأسرى من الأراضي المحتلة عام 1948، الذين يرفض الاحتلال إدراجهم في هذه الصفقات تحت ذرائع أمنية أو بحجة حمل الأسير للجنسية “الإسرائيلية”، محاولين بذلك عبثاً الفصل بين شعبنا الفلسطيني من الأراضي المحتلة عام ٤٨ وباقي شرائح الشعب الفلسطيني.

بذلك يسرّ شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين نشر مواد الأسبوع الثالث للحملة التثقيفية لأسرى ما قبل أوسلو. في هذا الأسبوع سنتناول الأسرى جمعة آدم، رائد السعدي، إبراهيم ومحمد إغبارية. بإمكانكم طباعة هذه المنشورات وتعليقها في مدنكم ومشاركتها على الإيميل [email protected]

الأسير جمعة إبراهيم آدم

ولد الأسير جمعة إبراهيم آدم في التاسع من آذار سنة ١٩٦٩ في مدينة صويلح الأردنية وعاش في شمال غرب مدينة أريحا في بلدة الديوك. تتكون عائلته من ستة أخوة وهو أكبرهم. توفي والده عندما كان طفلاً سنة ١٩٧٢ وفقد والدته وهو أسيرٌ عند الاحتلال حيث لم تسمح له سلطات السجون بتوديعها وهذا أكثر ما أثر عليه قائلاً “إنّ أكثر المواقف صعوبة وألماً التي مرت عليّ خلال وجودي في السجن هو وفاة أمي”.

منعت السلطات شقيقه المتواجد في فلسطين من زيارته لذرائع أمنية عِلماً أن بقية أشقّائه في المهجر. أنهى جمعة دراسته الثانوية داخل الأسر وأكمل دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالوريوس من الجامعة العبرية في العلوم السياسية ويدرس الآن الماجستير في العلوم السياسية متخصصاً بالشؤون الإسرائيلية في جامعة القدس.

دخل الأسير جمعة إبراهيم آدم عامه الـ٣٥ في سجون الاحتلال الصهيوني، إذ أنهُ يُعتبر من أقدم الأسرى وأكبرهم عُمراً وهو من الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو. اعتقل جمعة في ٣١ تشرين الأول/أكتوبر سنة ١٩٨٨ وكان في التاسعة عشر من عمره بعد تنفيذ عملية فدائية ضد جنود الاحتلال مع اثنين آخرين من مجموعته وهما الأسير محمود سالم أبو الخرابيش والأسير المحرر أحمد التكروري حيث ألقوا زجاجات المولوتوف الحارقة على باص يقل جنود الاحتلال أدى إلى إحراقه ومقتل وإصابة عدد منهم، وعلى أثر ذلك أغلق جيش الاحتلال كافة مناطق الضفة الغربية وشدد الإغلاق على مدينة أريحا لتنفيذ حملة تفتيش واعتقال المنفذين. بعد اعتقالهما وتفجير ثلاثة منازل، منزل عائلة أحمد تكروري ومنزل جدة آدم الذي تربى به ومنزل خاله عبدالرحيم مؤمن تكروري بسبب وجودهم به لحظة اعتقاله. تعرض جمعة ورفاقه بعد اعتقاله للتعذيب الشديد إذ قال “جرى تعذيبنا بسادية ووحشية منذ لحظة إلقاء القبض علينا، وكنا مهددين بالتصفية والقتل المباشر على يد الجنود والمحققين على مدى ٧٠ يوماً في معتقل المسكوبية” وكل ذلك لإجبارهم على الاعتراف بالتهم التي وجهت لهم. أصدرت محاكم الاحتلال بحقهم حكماً بالسجن المؤبد.

اعتُقل جمعة قبل هذه المرة في كانون الأول/ديسمبر في عام ١٩٨٦ بتهمة رشق الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة وحكم بالسجن ٢٢ شهراً واُفرج عنه مبكّراً في ١٨ تموز/يوليو عام ١٩٨٨. تاريخ الإفراج عنه الأصلي كان موعد اعتقاله للمرة الثانية بعد عودته للعمل المقاوم.

يقبع الأسير جمعة في سجن هداريم ونتيجة السنوات الطويلة التي أمضاها خلف القضبان فإن حالته الصحية تدهورت حيث يعانى من مشاكل في الدم وجرى نقله إلى مستشفى الرملة لإجراء فحوصات أكثر من مرة، لكنها فحوصات شكلية، ولم يقدم له الاحتلال علاجاً مناسب.

الأسير رائد محمد السعدي

ولد الأسير رائد محمد شريف السعدي في بلدة سيلة الحارثية غرب جنين في العشرين من شباط/فبراير عام ١٩٦٦ وعمره اليوم ٥٧ سنة. تمكّن خلال سنوات اعتقاله من إنهاء دراسته الثانوية وحصل على شهادة البكالوريوس ويكمل الآن دراسة الماجستير. أمعن الاحتلال الصهيوني في مواصلة إجرامه بحق الأسير بحرمانه من رؤية أهله بحججٍ “أمنية”. على مدار سنوات أسره في سجون الاحتلال، فقد رائد السعدي عدداً من أفراد عائلته وكان أولهم جدته التي توفيت عام ١٩٩٩ ولحق بها جده بعد سنتين وعمه عبدالله عام ٢٠٠٨، ومن ثم شقيقه الأكبر عماد عام ٢٠١٠ وأخيراً والدته الحاجة أم عماد التي وافتها المنية عام ٢٠١٤، وكانت تنتظر بفارغ الصبر رؤية ابنها حراً طليقاً لتعانقه وتحتفل به وتزوجه. منذ عدة أعوامٍ فقد والده بصره ولم يعد قادراً على رؤيته. حرمه الاحتلال زيارة أحد أشقائه لمدة ١٢ عاماً متواصلة.

يُعد الأسير السعدي عميد أسرى جنين وأقدم أسير في سجون الاحتلال من المحافظة حيث اعتقل مرتين، إذ أنَّهُ اعتقل للمرة الأولى عندما كان في الثمانية عشر من عمره عام ١٩٨٤ لمدة ستة أشهر لقيامه برفع علم فلسطين على أعمدة الكهرباء في بلدة سيلة الحارثية. بعدها عاش مُطارداً لعدة سنوات منذ بداية انتفاضة الـ ١٩٨٧. في تلك الفترة قام الاحتلال باعتقال والدته لمدة أربعة أشهر وعدداً من أخوته للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، إلى أن اعتقله “مستعربون” خلال زيارةٍ سرية قام بها لبيت أهله للاطمئنان عليهم في ٢٨ آب/اغسطس عام ١٩٨٩. وكانت هذه المرة الثانية التي يعتقل بها وتم اتهامه بالانتماء لسرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وتنفيذ عمليات فدائية أدّت لمقتل جنودٍ مستوطنين. أصدرت محاكم الاحتلال بحقه حكماً بالسجن المؤبد مرتين إضافة لعشرين سنة.

كان من المفترض أن ينال الأسير السعدي حريته ضمن الصفقة التي عقدت مع السلطة الفلسطينية نهاية العام ٢٠١٣، إلا أن الاحتلال نكث بوعده، فقد أطلق سراح ثلاثة دفعات من الأسرى القدامى، بينما لم يلتزم بإطلاق سراح الدفعة الرابعة التي تضم ٢٩ أسيراً من المؤبدات والأسرى القدامى منهم السعدي.

يقبع اليوم رائد في سجن “ريمون” بعد أنّ نُقل من سجن “جلبوع” مؤخراً، ونتيجة لمسيرة التعذيب الطويلة الذي تعرض له من قِبل السجانين والمحققين ونقله من سجن إلى آخر بصورة متواصلة، أصبح يُعاني من أمراضٍ عدة وأبرزها مشاكل في القلب وضغط الدم والأمعاء وقرحة في المعدة وأجريت له عدة عمليات جراحية داخل سجون الاحتلال.

الأسيران إبراهيم ومحمد إغبارية

الأسيران الشقيقان إبراهيم حسن إغبارية ومحمد حسن إغبارية يُعدان من عمداء الأسرى من الأراضي المحتلة عام ٤٨. إبراهيم، والملقب بـ “أبو جهاد”، عمره ٥٧ عام وشقيقه محمد، الملقب بـ “أبو عبدالله” عمره ٥٥ عام من مدينة أم الفحم في الداخل المحتل وهما معتقلان منذ ٢٦ شباط/فبراير سنة ١٩٩٢ ومحكومان بالسجن المؤبد بتهمة تنفيذ عملية طعن داخل معسكر “جلعاد” الإسرائيلي مما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وإصابة عدد بجراح. تم اعتقالهما بعد تنفيذ العملية بأسبوعين وبرفقتهما أيضاً الأسير يحيى إغبارية.

توفي والد الأسيرين إبراهيم ومحمد، الحاج حسن محمود إغبارية مساء يوم الخميس ٢٨ نيسان/أبريل عام ٢٠١٦ عن عمر يناهز الـ٧٧ عاماً بسبب وعكة صحية. يُذكر أن والدهم كان ناشطاً في كل الفعاليات التضامنية مع الأسرى كما أنه كان دائماً يُطالب بالإفراج عن أبنائه وشملهم في الصفقات التي توقعها الفصائل الفلسطينية، إلّا أنّ السلطات الصهيونية رفضت الإفراج عن نجليه في صفقة “وفاء الأحرار” التي أبرمت في عام ٢٠١١ مقابل الإفراج عن الجندي “غلعاد شاليط”، حيث يرفض الاحتلال إدراج أسرى الداخل في أي مفاوضة أو صفقة مع قوى المقاومة باعتبارهم “شأناً إسرائيلياً وليسوا فلسطينيين”.

أكمل محمد دراسته داخل سجون الاحتلال وحصل على شهادة الماجستير في السياسة والعلاقات الدولية عام ٢٠٠٥، كما أن له العديد من الإصدارات الأدبية والسياسة ومنها (دليل القادة في فن القيادة؛ عرب الداخل بين وهم الكنيست وسراب المساواة؛ ولمعات في عتم الزنانين).

من الجدير بالذكر أن الأسير إبراهيم تقدم لخطبة الأسيرة “منى قعدان” من قرية عرابة جنين وهي شقيقة القيادي بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأسير القائد طارق قعدان القابع حاليا في سجن مجدو؛ والذي يُعد أحد أبرز أبطال معركة الأمعاء الخاوية ضد سياسة الاعتقال الإداري التعسفي. وقد أمضت المجاهدة منى قعدان في سجون الاحتلال الصهيوني ما يزيد عن خمسة أعوام في اعتقالات سابقة على خلفية انتمائها ونشاطاتها في صفوف العمل النسائي التابع لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة المحتلة”.

تنقّل الأسيران في العديد من السجون، ورفض الاحتلال كثيراً جمعهما مع بعضهما البعض لفرض المزيد من المعاناة عليهما. وكان شقيقهما الأكبر محمود قد توفي وهما في السجن، ورفض الاحتلال السماح لهما بإلقاء نظرة الوداع عليه قبل مواراته الثرى.

بوستر الأسير جمعة إبراهيم آدم بالعربية والألمانية

بوستر الأسير رائد محمد السعدي بالعربية والألمانية

بوستر الأسير إبراهيم ومحمد إغبارية بالعربية والألمانية