أعلنت “مؤسسة المجتمع الألماني – الإسرائيلي” رفعها دعوى ضد شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين لتصنيفها كمنظمة إرهابية في ألمانيا وحظرها استناداً إلى القانون ١٢٩ ب الذي يجرّم المنظمات والأفراد الذين ينشؤون أو يدعمون ما يسمّونه بـ”منظمات إرهابية خارجية”. واستند الصهاينة في اتهاماتهم على ملصقات في “شارع العرب” في برلين تدعو لقصف العدو الصهيوني وتحيّي الشهداء والأسرى، والأعلام الفلسطينية التي تزيّن أشجار الشارع. حيث عبّر سفير الكيان الصهيوني في برلين، المستوطن “رون بروسور” عن غضبه الشديد بسبب حضور قضية الأسرى الفلسطينيين “على الأشجار” وفي شوارع برلين التي “صارت تشبه شوارع غزة” كما قال في تغريدة سابقة، كاشفاً بشكل لا يدعوا للشك أن هذا الهجوم على صامدون هو هجومٌ على أبطالنا في الحركة الوطنية الأسيرة، وأن استهداف صامدون هو استهدافٌ لصوت الأسرى دولياً.
نجحت المؤسسات الصهيونية وسفارة العدو باستعمال التحريض الإعلامي واسع النطاق لتوفير الغطاء السياسي للدولة الألمانية لحظر جميع الفعاليات والمظاهرات في ذكرى النكبة عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣ في برلين، وفي ذكرى يوم الأسير الفلسطيني عام ٢٠٢٣. هذا التعاون الذي لا يحاولون إخفاءه بين حكومة العدو الصهيوني، المؤسسات الصهيونية في ألمانيا، الإعلام الألماني، والسياسيين الألمان، يكشف الارتباط الوثيق بين العدو في فلسطين وحلفائه في الدّول الغربية. ويكشف في نفس الوقت الدور الإمبريالي للدّولة الألمانية في استعمار وإبادة الشعب الفلسطيني.
تتبنى الدولة الألمانية بشكل غير رسمي حتى الآن تعريف الـ IHRA لمعاداة السامية، والذي يُصنّف معاداة الاحتلال الصهيوني في فلسطين كنوعٍ من أنواع معاداة السامية. وبناءً على هذا التعريف طُرحت في مؤتمر وزراء الداخلية للولايات الألمانية الستة عشر الذي انعقد في نوفمبر عام 2011 عدة توصيات لمحاربة ما يسمونه “بمعاداة السامية المتعلقة بإسرائيل” مثل:
- بناء إطار قانوني لملاحقة داعمي القضية الفلسطينية
- تجريم شعاراتٍ مثل “الحرية لفلسطين من النّهر للبحر” بحجّة نفيهم لحق الاحتلال الصهيوني بالوجود، ما يُعدّ معاداة للسامية وبالتالي يعاقب عليها القانون
- العمل على حظر المنظمات الداعمة لفلسطين تحت ذريعة محاربة “معاداة السامية المتعلقة بإسرائيل”.
وغيرها من التوصيات. في تقرير المؤتمر تمّت الإشارة لأكثر من 649 مشروع تموّله الدولة لمحاربة معاداة السامية، 138 منهم يستهدفون المدارس والأطفال والشباب. إنّ هذا القمع الّذي يواجهه العمل الفلسطيني في ألمانيا عموماً، وشبكة صامدون بشكل خاص، ما هو إلّا تطبيقٌ لهذه القرارات الإجرامية.
هذه الهجمة المسعورة التي تتعرض لها شبكة صامدون في كل أماكن تواجدها، من محاولة حظر “رابطة فلسطين ستنتصر” في فرنسا، وحظر فعاليات شبكة صامدون في سويسرا، مروراً بالهجمات الإعلامية المستمرة والتحريض الذي نتعرض له في بلجيكا وإسبانيا والسويد وهولندا وأمريكا وكندا وغيرها، تكشف بشكل حقيقي ارتباط مصالح الدول الغربية باستعمار الشعب الفلسطيني وبقاء الكيان الصهيوني. لكنّ جميع محاولاتهم لمنع الشتات الفلسطيني من تنظيم نفسه والدفاع عن حقه بالمقاومة وتحرير وطنه ودعمه لمقاومته الباسلة، ممثله الشرعي والوحيد، ستبوء بالفشل.
فهذا الحظر الذين يحاولون تطبيقه ما هو إلا جزءٌ من القمع التقليدي للدول الإمبريالية للعمل الثوري الفلسطيني منذ اندلاع الثورة الفلسطينية في أواسط الستينات، حيث شخّصت الحركة الثورية الفلسطينية كيان العدو على أنه وكيلٌ للغرب وحامٍ لمصالحها في بلادنا العربية وقاومته على هذا الأساس. وبعد ثلاثين عاماً من اتفاقيات أوسلو عام 1993، نشهد اليوم ولادة جديدة للمقاومة الفلسطينية المنظّمة في جنين ونابلس وغزة وعموم فلسطين، وتأثيرها الإيجابي على الحركة الفلسطينية في الشتات. فترد الدول الغربية على هذه التطورات بتجريم حركتنا مرة أخرى، كما حدث في السبعينيات عندما بلغت الحركة الثورية الفلسطينية ذروتها وواجهت موجةً من الحظر والاضطهاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القضية الفلسطينية هي القضية السياسيّة والتاريخيّة المركزيّة للعرب والمسلمين والقوى المناهضة للإمبريالية. وتشكل صامدون، باعتبارها نقطة التقاءٍ سياسي لهذه القوى، خصوصاً في برلين، خطراً كبيراً على الدولة الألمانية. ويُظهر هذا الاستهداف قلق الدولة الألمانية من تسييس جماهير المهاجرين واللاجئين في النضال ضد الاستعمار، وهو ما نجحت صامدون بتحقيقه إلى حد كبير في ألمانيا. إن محاولات الحظر هذه تسعى إلى إضعاف القوى المعادية للإمبريالية وإلى الحفاظ على النظام الاستعماري وتدعيمه.
نؤكد في شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين التزامنا بالدفاع عن الأسرى والأسيرات في سجون الاستعمار الصهيوني وتصدير نضالاتهم ونقل مواقفهم دولياً بكل اللغات، وسنظل نعمل على بناء جسور النضال المشترك بين الحركة الأسيرة الفلسطينية وحركات التحرر والقوى الثورية في العالم. إن هذا الهجوم في جوهره يستهدف الأسرى ومحاولة تجريم نضالهم والنيل من موقعهم ومكانتهم ودورهم. ونؤكد على ثباتنا الكامل في وجه هذه الإجراءات القمعية، وعلى مواصلة دعمنا للمقاومة الفلسطينية، والوفاء لدماء شهداء وأسرى شعبنا الباسل حتى تحرير فلسطين كاملة، من نهرها لبحرها، وعودتنا جميعاً إلى مدننا وقرانا.
عاشت فلسطين وعاش شعب فلسطين الأبي
شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين – ألمانيا