Home أخبار «صامدون» والحكومة الكندية: إرهاب المدافعين عن حقوق الفلسطينيين – خريستو المر

«صامدون» والحكومة الكندية: إرهاب المدافعين عن حقوق الفلسطينيين – خريستو المر

«صامدون» والحكومة الكندية: إرهاب المدافعين عن حقوق الفلسطينيين

خريستو المر

نقلًا عن صحيفة الأخبار اللبنانية

قرّرت الحكومة الكندية تصنيف «صامدون»، شبكة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين، كمنظمة إرهابية، في اتّباع ذيليّ لقرار مشابه للحكومة الأميركيّة وخضوع لاتّهامات لا أساس لها للمنظّمات الصهيونيّة في البلاد. وقد أثارت صدمة القرار غضباً بين المدافعين عن حقوق الإنسان في كندا والعالم. ما يجمع عليه المنتقدون للحكومة الكنديّة (والأميركيّة) أنّ هذا التصنيف هو خطوة لا أساس لها وضعته الحكومة لدوافع سياسيّة بهدف واضح ألا وهو إسكات الأصوات التي تدافع عن الفلسطينيّين وقضيّتهم العادلة، ومنها قضيّة معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. كلّ ذي حسّ نقديّ يعرف أنّ القرار يأتي بهدف الحدّ من قدرة الناس على التعبير عن تضامنهم المشروع مع القضية الفلسطينية، أي في سياق متابعة الدعم العمليّ للإبادة الاسرائيليّة المترافقة مع الكلام الفارغ للحكومة عن حقوق الإنسان، ورغبتها في حلّ الدولتين!

أعلنت «وزارة السلامة العامة» في كندا هذا القرار المشين، والذي يضع «صامدون» على لائحة المنظّمات الإرهابية في البلاد، ما يعني فرض قيود صارمة على المنظمة، بما في ذلك تجميد الأصول وإمكانية توجيه تهم جنائية لأي شخص يدعمها أو يتعاون معها.

تصنيف بلا أدلة ولا شفافية

نقول هذا لأنّ هناك أسئلة مشروعة وخطيرة حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التصنيف، والمعايير التي استخدمت لتبريره. من الواضح أن الحكومة الكندية لم تقدّم أي أدلة حقيقية تربط «صامدون» بأي نشاط إرهابي. لذلك دقّت المنظمات المختلفة، ومنها منّظمات حقوقيّة، ناقوس الخطر، ووصفت هذه الخطوة بأنها تفتقر إلى المصداقية وتقوم على ادعاءات غامضة ومبهمة. يزعم القرار المشين أن «صامدون» لديها «علاقات وثيقة» مع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ولكن أين هي الأدلة؟ وكيف يمكن أن يكون مجرد التضامن مع الأسرى الفلسطينيين جريمة؟

«يعكس هذا القرار بوضوح تحيزاً سياسيّاً ويهدف إلى إسكات أي صوت يتحدث عن الحقوق الفلسطينية»، على ما نشره المنتدى الأكاديمي الكنديّ اللبنانيّ. وبدورها، دعت المجموعة الدولية لرصد الحريات المدنية (ICLMG) إلى إلغاء نظام تصنيف المنظّمات الإرهابية في كندا، والذي وصفته بأنه نظام سرّي وعشوائي يمكن استخدامه كسلاح سياسي ضد الأصوات التي تزعج أصحاب النفوذ.

قمع حرية التعبير والتضامن مع فلسطين

إنّ ما قامت به الحكومة الكندية لا يمكن وصفه إلا بأنه محاولة لقمع حرية التعبير، وإرهاب الأصوات المدافعة عن الحقوق الفلسطينيّة في كندا بواسطة عنف الدولة العشوائيّ، ومنع أي شكل من أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني. تصنيف «صامدون» كمنظمة إرهابية يهدف إلى بث الخوف في قلوب كل من يريد أن يعبر عن دعمه للحقوق الفلسطينية خشية الملاحقة القانونية.

إنّ الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين الذين يُحتجزون بطرق غير قانونية ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة في سجون الاحتلال الإسرائيلي ليس إرهاباً، بل هو واجب أخلاقي وإنساني. ولكن يبدو أن الحكومة الكندية اختارت أن تقف في صف الظالم وتُجَرِّم من ينحاز إلى المظلوم، فقد أصبحت مناصرة حقوق الإنسان جريمة في عرفها.

ازدواجية المعايير وتحيز واضح

إن هذه الخطوة ليست فقط اعتداءً على الحقوق المدنية للمواطنين، بل هي دليل على ازدواجية المعايير والتحيّز الصارخ ضد الفلسطينيين والمسلمين. فتصنيف «صامدون» يأتي ضمن سياق أوسع من استهداف المنظمات الفلسطينية أو ذات الصلة بالمسلمين في البلاد، ما يعزز الصور النمطية السلبية ويعزز الأجندات السياسية للتيّارات العنصريّة. بدلاً من اللجوء إلى تصنيفات «الإرهاب» الفضفاضة بقرارات حكوميّة دون محاكمة، يجب أن تُواجَه أي تهم حقيقيّة بإجراءات قانونية عادلة وشفافة، وليس بقرارات مستبدة ومسيّسة.

نهج كندا في مكافحة الإرهاب يجب أن يستند إلى العدالة والشفافية، وحماية الحريات المدنية وليس قمعها. إن هذا التصنيف الظالم لا يؤدي إلا إلى تآكل الثقة بين الحكومة والشعب، ويجعل من الصعب على الأصوات المنادية بالحرية والعدالة أن ترتفع.

محاولة لإسكات الحقائق وإنكار العدالة

لا يمكننا أن نرى تصنيف «صامدون» بمعزل عن المحاولات العالمية لإسكات أي صوت يعرّي ممارسات الاحتلال الإسرائيلي. التضامن مع الأسرى الفلسطينيين ومناصرة حقوقهم هو عمل نبيل، وتجريم «صامدون» ما هو إلّا إحدى المحاولات المستمرّة لإرهاب المواطنين المناصرين لفلسطين في كندا، وتكميم الأفواه، وقمع الحركات الشعبية التي تقف مع الحق الفلسطيني. لكنّها محاولات فاشلة، لن تستطيع لا هذه الحكومة ولا غيرها إسكات الحقيقة، ولن يتوقف العالم عن التضامن مع الأسرى والشعب الفلسطيني. هذا القرار معيب. مسؤوليّة الحكومة حماية الحقوق المدنية والعدالة، وليس خنقهما. إن الدفاع عن الحرية والعدالة لا يمكن أن يُجرَّم إلّا ممّن فقد كلّ ضميره، وهذا ليس بغريب عن كثير من المسؤولين الحكوميّين في كندا وخارجها.

* كاتب وأستاذ جامعي