أسامة العلي : سنحمي قضيتنا حين نتمسك بكل فلسطين ونهج الثورة والتحرير
القيادي الفلسطيني صلاح صلاح ” للبديل الثوري”
لأول مرة في تاريخ الحركة الوطنية تأتي قيادة تتنازل عن حقوق شعبنا وأرضنا
ضرورة الوصول لبرنامج سياسي يعيد الاعتبار لجوهر الميثاق الوطني الذي يُشكل أرضية للوحدة الوطنية الفلسطينية
* أدعو الشباب للبحث عن وسيلة لإعادة تجميع كل قواهم كعنوان وقيادة للمرحلة الجديدة القادمة*
نظمت مؤسسات فلسطينية وشبابية في الوطن والشتات مساء اليوم الأحد ندوتها الثانية عشرة من سلسلة البديل الثوري بعنوان ( المخيمات الفلسطينية في لبنان في ظل الأوضاع الحالية ومواجهة مشاريع التصفية والعنصرية) استضافت خلالها المناضل الوطني الفلسطيني صلاح صلاح القيادي السابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والأستاذ أسامة العلي من النادي الثقافي الفلسطيني العربي .
وبحثت الندوة في واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والتحديات السياسية والاقتصادية الراهنة التي تواجه شعبنا في ظل السياسات العنصرية من قبل النظام الطائفي وأي دور لفلسطيني لبنان في استنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية في الشتات، وعلى مستوى المشروع الوطني.
كما سلطت الضوء على الواقع المتردي لمنظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات الرّسمية الفلسطينية أمام كل ما يحدث وواقع الحراكات الوطنية والشبابية في الحفاظ على الهوية الوطنية، ومواجهة مشاريع التصفية والإلغاء.
وفي هذا السياق، قَدمّ القيادي الفلسطيني صلاح صلاح في مداخلته سرداً تاريخياً لأوضاع الشعب الفلسطيني خلال المرحلة التي تلت النكبة وعلى وجه الخصوص في مخيمات لبنان، مشيراً أن شعبنا آنذاك واجه واقعاً مأساوياً في ظل محاولات محمومة من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لإنهاء القضية الفلسطينية عبر طرح سلسلة مشاريع لتصفية حق العودة كمدخل للتهجير والتوطين.
وأضاف القيادي صلاح بأن الشباب الفلسطيني في تلك المرحلة تصدوا لهذه المشاريع وأفشلوها عبر النضال الشعبي والمظاهرات والاعتصامات، مشيراً أن ذلك يؤكد على قدرة الشباب للعب دور هام، وخصوصاً أن من برز من عناوين للثورة الفلسطينية كانوا من الجيل الشاب الذي قام بتأسيس الثورة الفلسطينية لاحقاً.
وقال صلاح في مداخلته: ” الثورات تأتي نتيجة تراكم نضالات سياسية وجماهيرية وشعبية متعاقبة ومتواصلة تصل بالنهاية إلى مرحلة الثورة”، مضيفاً أن شعبنا الفلسطيني في مخيمات لبنان على وجه الخصوص تعرض لإجراءات غاية في القسوة استهدفت منعه من الخروج والتحرك بين أزقة المخيمات، ومنع التنقل من مخيم إلى آخر إلا بإذن من الأجهزة الأمنية اللبنانية.
واستدرك قائلاً: ” أنه على الرغم من هذه الإجراءات القاسية والمشددة استطاع عدد من الشباب الخروج من المخيم والتدرب في مصر، ما يُشكّل دليلاً على أن هناك إرادة فلسطينية للتغلب على هذه الإجراءات.
ونوه القيادي الفلسطيني بأن قانون منع الفلسطيني من حقوقه في لبنان ليس جديداً وأن عمره من عمر النكبة، مشيراً أن هناك خطأ شائع بأن القانون اللبناني العام يمنع الفلسطيني من العمل في 72 مهنة، فالصحيح هو أن القانون العام اللبناني يمنع الفلسطيني من العمل بأي مهنة، ولكن يُترك للوزراء اللبنانيين إعطاء استثناءات يمكن خلالها تحديد مهن يُسمح بها للفلسطيني بالعمل كأجنبي.
ولفت بأن المخيمات الفلسطينية تحوَلّت بعد اندلاع الثورة الفلسطينية لحاضنة للثورة والكفاح المسلح، وأصبحت المخيمات مراكز للتدريب والقواعد العسكرية، وقد حقق شعبنا خلالها إنجازات حقيقية بفعل الكفاح المسلح، حيث أصبحت قضية فلسطين تدرج في الأمم المتحدة ليست كقضية إنسانية ولجوء، بل كقضية تحرر وطني، وبعدها تم اعتراف المجتمع الدولي بمنظمة التحرير وتحت راية كفاحها المسلح، وأن تكون عضواً مراقباً في الأمم المتحدة وتعطى كل الصلاحيات بأن تطرح قضية فلسطين بكل وضوح وجرأة كقضية تحرر وطني ونضال وطني شعبي.
وأضاف بأن الثورة الفلسطينية بدأت بالتراجع منذ طرح النقاط العشرة ” البرنامج المرحلي” ومن ثم اعتراف المنظمة بقراري 242 و338 في دورة المجلس الوطني عام 1988، وصولاً للتوقيع على اتفاقية أوسلو.
وأكد بأن هذا النهج حمل الكثير من التنازلات على القضية الفلسطينية والتي ما زلنا ندفع ثمنها غالياً، ووصلت إلى حد التصفية للقضية الفلسطينية والتنازل عن كامل حقوق الشعب الفلسطيني.
وبَيّن القيادي الفلسطيني بأن اتفاق أوسلو أنهى حق العودة ولم يستطيع إيقاف المستوطنات وأصبحت خلاله القدس عاصمة للكيان، ولا يوجد أي دولة فلسطينية حيث أضحت مجرد وهم وتاريخ، مضيفاً بأن هذه الاتفاقية كانت نتيجتها إقرار الكيان الصهيوني قانون الدولة اليهودية الذي أقُر ” بالكنيست” والذي يعتبر فلسطين بحدودها التاريخية هي حدود دولة ” إسرائيل”.
وأضاف صلاح بأن قانون الدولة اليهودية بكل تفاصيله يحسم كل شيء، ولم يترك للقيادة الفلسطينية المتنفذة أي شيء للتفاوض عليه.
وشدد بأنه في ضوء هذا الفشل الذريع لهذه القيادة، فأصبح الخيار الوحيد المطروح لها الآن هو تجاوز هذه الخطيئة المسماة أوسلو وسحب الاعتراف بالكيان ووقف التنسيق الأمني، وأن الخطوة المطلوبة الأكثر أولوية الآن هي الدعوة لعقد اجتماع لكل الفصائل والقوى من خلال طاولة واحدة للبحث أولاً عن إنهاء المرحلة السابقة والوصول لبرنامج سياسي يعيد الاعتبار لجوهر الميثاق الوطني الذي يُشكل أرضية للوحدة الوطنية الفلسطينية.
كما طالب صلاح الشباب الفلسطيني بالبحث عن الطريقة المناسبة والأسلوب الناجع لإعادة تجميع كل قواهم ليتمكنوا من لعب دورهم كعنوان وقيادة للمرحلة الجديدة القادمة.
وقال صلاح ” بأن قضيتنا الفلسطينية كانت دوماً تحكمها عقليتين، العقلية الأولى تؤمن بالمفاوضات والمساومات وهذه كانت موجودة منذ ثورة 1936 وما زالت هذه العقيدة موجودة ومتمثلة في القيادة المتنفذة، لافتاً أنه لأول مرة في تاريخ الحركة الوطنية تأتي قيادة تتنازل عن حقوق شعبنا وأرضها، وأن كل الثورات تعيش مرحلة انكفاء وتعيش هزيمة لكنها لا تتنازل عن حقها وأرضها كما فعلت هذه القيادة. أما العقلية الأخرى والتي يجب أن نواصل التمسك بها، فهي العقلية التي ما زالت تتمسك بخيار المقاومة والكفاح المسلح، وهو ما يجعل من وجودنا له قيمة في إطار محور المقاومة”.
وأضاف” بأنه جرت محاولات جادة وسياسة ممنهجة ومقصودة للتخلص من المخيمات باعتبارها بؤر ثورية وحاضنة للعمل الوطني منذ النكبة وحتى الآن، داعياً لضرورة الانتباه لمحاولات جدية لتصفية هذه المخيمات وتفريغها وتهجير اللاجئين فيها، ولا يجب أن تكون الظروف الصعبة التي تعاني منها المخيمات مبرر للهرب من استحقاق التصدي لهذه المحاولات.
وحول النظرة العربية للقضية الفلسطينية، أشار القيادي صلاح بأن القضية الفلسطينية كانت أمام نظامين، الأول نظام رجعي عربي عمل وما زال على إجهاض الثورة الفلسطينية والتآمر على شعبنا، وحتى ارتكاب مجازر ضدنا، وهذا النظام لا أمل منه، وهو ما زال يلعب دوره التآمري على قضيتنا، وما زال يمارس ضغوطاً على القيادة المتنفذة لتقديم المزيد من التنازلات، أما النظام العربي الآخر فهي أنظمة وطنية دعمت وساندت القضية الفلسطينية، ولكنها تتعرض لضغوطات واستهداف لهذا الدور، ويحيط بها حاضنة شعبية عربية تعيش حالة تراجع وانكفاء ووضعها مهلهل.
وحول محور المقاومة، والذي يتبلور بشكل تدريجي ويمكن أن يُشكّل حاضنة مستقبلية، ويجب المراهنة عليه ليكون جزء من الآفاق المستقبلية لنضالنا، لأن هذا المحور يعتبر قضية فلسطين قضيته الأساسية، مستدركاً ” أن ما ينقص هذا المحور هو حضور فلسطيني فاعل وقوي ليكون جزءاً منه وشريكاً له في معركة التحرير”.
وأعرب صلاح عن ثقته بأن إرهاصات المبادرات الفردية وحالة التململ لدى الشباب الفلسطيني في الضفة سيكون لها آفاق كبيرة مستقبلية.
من جانبه، أكد الأستاذ أسامة العلي بأنه منذ طرح النقاط العشرة والذهاب إلى الأمم المتحدة والتسلح بغصن الزيتون، مروراً بتشتت المقاتلين في شتات الأرض، وموافقة المنظمة عام 1988 على كيان فلسطيني على أي قطعة أرض من فلسطين، وصولاً للتوقيع على اتفاقيات أوسلو، شكلت هذه الأمور نقطة مفصلية بتاريخ هذه القضية، لأنه صار توجه شبه علني وجنوح نحو تسوية، وما كان يطرح بالسر أصبح يطرح بالعلن.
وأضاف العلي بأن الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 كان عمادها الأطفال والشباب، وقد أعادت وضع القضية الفلسطينية بعد غياب طويل على الأجندة الدولية، وبعد فترة حوصرت فيها المخيمات وجرى التدمير الممنهج لوجودها.
ولفت العلي بأن الانتفاضة حققت نقلة نوعية في تاريخ النضال الفلسطيني، مؤكدة بأن هذا الشعب لا ينقصه طاقات كبيرة وقوية، وأن قضيته قضية حق وقضية شعب يرزح تحت الاحتلال، مستدركاً بأن هناك من عمل على استثمار هذه الانتفاضة بطريقة معاكسة، بدءاً من الدخول في مؤتمر مدريد والذي كان سقفه 242 والقبول بتسوية تفريطية تقزم من طموحات شعبنا وتشطب تضحيات آلاف الشهداء والأسرى، وتوجت بعد ذلك للأسف باتفاقية أوسلو عام 1993 وما لحقها من اتفاقيات أخرى.
وحول واقع الشباب في مخيمات لبنان، أوضح بأنه الشباب الفلسطيني متجذر في موقفه من القضية الفلسطينية وهو يُشكل أطر وأندية وجمعيات مستقلة ويناضل في الجامعات وفي المخيمات، ويستند بالأساس على الفكر المقاوم ونهج المقاومة المسلحة كشكل من أشكال الرفض لمحاولات تقزيم نضال شعبنا والدخول في نهج التسوية والمفاوضات.
وقال العلي: ” ما في خوف على أصل القضية عند جيل ينادي بفلسطين كلها، وبدنا نرجعها بالقوة وبالكفاح المسلح”، مستدركاً بأن هذه الثوابت تصطدم الآن للأسف بواقع اجتماعي واقتصادي في المخيمات، وهو واقع محزن حيث ضرب اليأس أطنابه عند هؤلاء الشباب.