الحرية التي هي نفسها المقابل ..عن الاسير صلاح ابو علي اتحدث – ثائر أبو عياش

الأسير المحرر ثائر أبو عياش

قبل يومين، وبشكل مفاجئ أعاد الاحتلال اعتقال الأسير “صلاح أبو علي” وتم تحويله إلى التحقيق في سجن عسقلان في يوم الافراج عنه!. أبو علي الذي قضى خمس عشرة عاماً متنقلًا بين سجون الاحتلال رزمة واحدة، وهو الذي انتصر على قهر السجان بتهريب نطفة وإنجاب طفل أسماه عليّ.

كانت عائلته تنتظر خروجه بفارغ الصبر بعد كل تلك السنوات، وزوجته شيرين تعمل على تجهيزات العرس ليوم السبت الموافق، 13.6.2020، ولكن الاحتلال كعادته قرر إيقاف هذا الحلم عن الاستمرار وأدخل العائلة في معركة نفسية وإنسانية جديدة.

أتذكر جيداً هذا الأسير وملامح شعره، وقدمِه التي يعاني منها. كان اللقاء الأول في سجن عسقلان “قسم رقم 5 غرفة رقم 26” كان الاحتلال قد أنهى مرحلة التحقيق معي، وتم تحويلي إلى هذا السجن الذي مكثت فيه ما يقارب ستة أشهر متواصلة، كان الصديق أبو علي يعيش في السرير الذي تحت سريري مباشرة لم أكن رفيق الزنزانة بل رفيق “البرش (1)” أيضاً.

بعد ثلاثة أيام من خروجي التحقيق، كان أبو علي يقرأ كتاب عن الشهيد “رائد نزال” وفوراً نهض من مكانه وقال لي: عليك خلال يومين الانتهاء من هذا الكتاب لنتناقش به، وفعلا هذا ما حدث، ليتم بعد ذلك إرسال مجموعة من روايات غسان كنفاني وكتب أخرى للقراءة وانخراطي بجلسات حول العولمة وغيرها تتناول مواضيع مختلفة يقدمها أبو علي ومجموعة من الأسرى.

وما زلت أتذكر بعد أسبوع داخل الغرفة طلب مني أحد الأسرى مرافقة أبو علي “للفورة (2)” وذلك لممارسة النشاط الرياضي كان أبو علي يمارس الرياضة بشغف، وفعلاً انخرطت بعدها في فريق الأسير أبو علي الذي يقوم على نظام دقيق، حيث نمارس صباحاً الركض مدة ساعة، ومن ثم بعض التمارين الأخرى المنشطة للجسم.

قام الاحتلال بعد ثلاثة أشهر من العيش مع الأسير أبو علي بنقله إلى قسم آخر داخل سجن عسقلان لكن ذلك لم يمنعه من السؤال والاهتمام؛ وهو بالمناسبة متميز بذلك.

في أحد الرسائل قال لي: عليك بعد الخروج من السجن العودة إلى مقاعد الدراسة والاهتمام بموضوع التعليم وهذا حقاً ما حدث، كانت رسائله تحمل طابع معنوي بالرغم من سنين السجن ولكن يبقى الأمل وقود كل هذه السنوات “يوماً ما سنخرج”!

حتى سؤاله لم ينقطع بعد الأفراج، لم يكن يوفر فرصة للتواصل معي وكان دائم الابتسامة، وكان سؤاله الأخير قبل يوم واحد من الإفراج عنه، فقد أرسل لي تحياته مع أحد الأصدقاء وأنا بدوري أقول لك: عندما أراك حراً سأعبر لك عن تحياتي ونضحك سوياً ونحتضن الذكريات المؤلمة.

إلى ذلك الموعد الحرية قريبة هذه الحرية التي في سبيلها نولد وفي سبيلها نموت…

_____

1.البرش: سرير الأسير وهو مصنوع من الحديد، ويتكون من طابقين.
2.الفورة: الساحة الخارجية للسجن.