عُقد مساء الأحد الموافق 26/4/2020 اللقاء السابع من سلسلة ( سؤال البديل الثوري) بعنوان (النضال من أجل العودة والتحرير: واقع اللاجئين في الأردن، حيث تم استضافة الناشطة الفلسطينية رانيا لصوي لتقديم عرضًا تاريخيًا حول واقع اللاجئين الفلسطينين وللإجابة عن مجموعة من الأسئلة ، والتي يمكن أن تساهم في الغوص في عمق قضايا الكتلة الشعبية الفلسطينية الأكبر والموجودة في الأردن، وأحوالها وطبيعة علاقاتها مع المنظمة، وموقفها من مشاريع التصفية والواقع الفلسطيني، وكيفية إعلاء صوتها وقرارها، وحقها في المشاركة والتعبير، وما هي المهام الوطنية الفلسطينية في حماية فلسطين والأردن والنضال معاً لإسقاط اتفاقتي أوسلو ووادي عربة، ومواجهة خطر التطبيع والاختراق الصهيوني، بالإضافة إلى نقاش دور اللاجئين وأوضاع المخيمات الفلسطينية في الأردن، ودورها المحوري في النضال من أجل العودة والتحرير.
تمحور النقاش حول ما تتعرض له هذه الكتلة الشعبية الفلسطينية في الأردن حيث أطول حدود مع فلسطين المحتلة، وفي ظل تنصل المؤسسة الفلسطينية ( م.ت.ف) عن مسئولياتها جراء اختطاف دورها لصالح مشروع التسوية الُمعبّر عنه في اتفاقية أوسلو.
تمت الإشارة في اللقاء إلى أن واقع اللاجئين الفلسطينيين( أي الكتلة الشعبية الفلسطينية الأكبر) مغيبة، والتي تتعرض فيها المخيمات للإهمال، وتعاني من الإمكانيات الشحيحة في الموارد والبنية التحتية، والتي لا تتناسب مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين الذين يسكنون المخيمات، هذا الوضع وضعهم بين سندانة نظام الهبات التي يتكرم بها النظام على المخيم والتي لا يزيد نسبة الاستفادة منها عن 1%، وبين مطرقة غياب دور الأحزاب والقوى الفلسطينية وفعاليتها، والتي تم تفكيكها لصالح مشروع تسوية القضية.
أشارت الباحثة الى الدور الوظيفي للأردن المرتبط بالتبعية ، حيث اثر تسلسل الاحداث التاريخية على واقع هذه الكتلة في الأردن وتحولها من عامل جاذب للمقاومة بعد معركة الكرامة على سبيل المثال، إلى عامل طارد للمقاومة وخروجها من الأردن بعد عملية مطار الثورة واستغلالها لتصفية المقاومة من قبل النظام الأردني، وخروج المقاومة من الأردن، وصولاً لقرار فك الارتباط والذي أحدث تساؤلات واختلافات في وجهات النظر بين أن هذا القرار قد مهد لاتفاقية أوسلو والتحول من مشروع ثوري إلى دولة، ووجهات نظر أخرى تمنح القرار الفلسطيني الاستقلالية في سياق هذا القرار، مروراً بظهور بوادر عام 2002 تطالب باسترداد قرار ” فك الارتباط” ، ما أدخل الجميع في خوض معترك ( الوطن البديل) تلك الفزاعة التي دائماً ما كانت تضرب فيها كل عمل وطني وأية محاولات للتأثير الإيجابي على الثورة والمقاومة، وأخيراً الانفراجة الديمقراطية عام 1989 ” هبة نيسان”، والتي أدت إلى انهاء الأحكام العرفية، وقبول السلطات الأردنية بعودة رجالات الثورة الفلسطينية للأردن، ولكن مع عدم السماح للفصائل بمزاولة عملهم، وأما الانفراجة على صعيد الأردن كانت بالموافقة على تشكيل الأحزاب والبرلمان والنظام السياسي المتعدد.
واستعرض اللقاء طريقة تعامل الفصائل الفلسطينية مع هذا التغيير بطريقة مختلفة عن الأخرى، فبعض الفصائل لم تعمل تحت إطار ديمقراطي أردني وعلى رأسها حركة فتح ( ظلت موجودة من خلال مؤسسات م.ت.ف والسفارة الفلسطينية) وفصائل اختارت أن تسلك العمل السري، وأخرى تحولت إلى أحزاب اردنية تحت مظلة القانون الديمقراطي في الأردن.
وحول مسئوليات المنظمة اتجاه الكتلة الشعبية، فأشار اللقاء إلى أنها غير موجودة على الاطلاق، ولا تُعبّر عن هذه الحاضنة الشعبية، وتنصلت من مهامها الوطنية، مستعرضة مشكلات م.ت.ف في أنها اختارت أن تنحاز مع الأنظمة على عكس الانتماء لقاعدتها الجماهيرية، من خلال اللعب على مفهوم استقلال القرار الفلسطيني ، والذي مهد بعد ذلك لاتفاق أوسلو، وفتح أبواب التطبيع، حيث انحازت هذه المنظمة لمصالحها المالية والشخصية والمناصب على حساب مصلحة الجماهير في ظل وجود تحالف بين النظام والرأسمال الموجود، فهذه البرجوازية الكبيرة الذي تشكلت.
وحول قانون الأحزاب الجديد، ناقش اللقاء تحول ملف الأحزاب الأردنية إلى الداخلية وليس للجهة المختصة بالمؤسسات، حيث يتعامل الوزير مع الأحزاب تعاملاً أمنياً وليس ديمقراطياً، كما يمارس رقابة على عمل الأحزاب، وقد تعرض ناشطو ومنتسبو هذه الأحزاب إلى الملاحقة والتحقيقات والاعتقال.
خلص اللقاء إلى أن الحالة الأردنية وتعقيداتها، فعلى الصعيد الشعبي ورغم كل الأحداث السابقة ما زال هناك تشابك وارتباط وثيق بين الشعبين الأردني والفلسطيني في القضايا التحررية، وأن المهمة الواقعة على الشعبين هي بالأساس مهمة وطنية، فالتصدي لاستيراد الغاز الفلسطيني المسروق على سبيل المثال مهمة فلسطينية مثلما هي أردنية، والنضال من أجل إنهاء اتفاقية وادي عربة واستقلال القرار الأردني وفك التبعية الأردنية مهمة فلسطينية مثلما هي أردنية. كما أن التحديات الراهنة تستدعي إبراز الهوية الفلسطينية بكل جرأة مقابل الهوية الأردنية كأساس لتعزيز مضمون العلاقة بين الشعبين، ومن أجل حماية هذه الهوية الوطنية من خلال وحدة على أساس النضال ضد مخاطر الوطن البديل، والتأكيد على ضرورة إبراز الهوية الفلسطينية من موقع أنها هوية مستهدفة. كما ان مهمة مواجهة تحالف البرجوازية وتحالف الرأسمال الذي عمل على حرف مسار الهوية الوطنية الفلسطينية لصالح مصالحه الخاصة ومشروع التسوية والسلام يجب أن يواجهها تحالف ثوري فلسطيني اردني لمواجهة ذلك وبما يقدم رؤية بديلة، فالحركة الوطنية الأردنية والفلسطينية يربطهما أكثر من تحالف سياسي، وأن مستقبل القضية الفلسطينية متعلق في الأردن والعكس صحيح.